الفشل الذريع لحركة حماس وبعدها عن مسار المقاومة وخطيئتها اتجاه الشعب الفلسطيني




فشلت جماعة الإخوان المسلمين طوال ثمانية عقود وعبر العالمين العربي والإسلامي في تأسيس إقليم قاعدة أو دولة لتكون منطلقاً لدولة الخلافة المزعومة التي تشمل العالم الأستاذية باستثناء الوضع الملتبس للسلطة القائمة في تركيا ونظام البشير في السودان الذي ثار عليه الشعب أخيرا ، ومرحلة حكم محمد مرسي في مصر ،فوجدت حركة الإخوان في قطاع غزة الذي لا تريده إسرائيل وفصلته عن الضفة كما لا تريده مصر وجدت فيه مبتغاها المنشود لتُقيم عليه إمارة إخوانية بتشجيع أو باستدراج خبيث من تركيا وقطر في سياق سياسة الفوضى الخلاقة التي تزامن طرحها مع موافقة حماس على المشاركة في السلطة من بوابة الانتخابات 2004 .
هذا لا يعني أن كل المنتمين لحركة حماس ومؤيديها عبر العالم مشاركون في هذا المخطط ،فكثير منهم انتموا لحماس وأيدوها من منطلق وطني ولأنها رفعت شعار تحرير فلسطين وعدم الاعتراف بإسرائيل فكانوا غير مدركين للعبة السياسية الدموية التي تجري في قطاع غزة وحوله كما أن حياتهم المعيشية أصبحت أسيرة ما توفره جماعة الإخوان وسلطة حماس ومن يدعم مشروع الانفصال من أموال .
حيث كان الخلل يكمن في أن حماس مارست المقاومة بدون استراتيجية وطنية وفي سياق مناكفة منظمة التحرير كحيلة خبيثة والأسوأ من ذلك أن حركة حماس وظفت المقاومة المسلحة لخدمة مشروعها الإخواني الذي يهدف لإقامة كيان في قطاع غزة ليكون إقليم قاعدة للإخوان المسلمين وكل الشهداء والجرحى والخراب الذي أصاب قطاع غزة خلال المواجهات والحروب في غزة وعليها كان لتحقيق هذا الهدف والآن وبعد أن أصبح كيان غزة الإخواني شبه ناجز بدعم إسرائيلي  فوظيفة المقاومة انتهت بالنسبة لحركة حماس وهذا ما يفسر المفاوضات حول الهدنة طويلة الأمد .
حيث إن حماس اليوم تقبل بدويلة في قطاع غزة وإلا ماذا تعني الهدنة أو التهدئة التي تجري مفاوضات بشأنها بمعزل عن السلطة والمنظمة ،والحديث عن ميناء ومطار وتسهيلات إسرائيلية أخرى ،وماذا يعني انتقال المقاومة إلى استراتيجية المقاومة الدفاعية وعن أي شيء ستدافع ؟ !! .

انتقاذ حماس للتنسيق الامني بين السلطة واسرائيل وحتى وإن كانت حركة حماس تنسق أمنيا ًبطريقة غير مباشرة لأنها لا تعترف بإسرائيل رسمياً إلا أن نتائج أو مخرجات التنسيق والهدنة واحدة وهي وقف المقاومة  ووقف المقاومة مع استمرار الاحتلال والاستيطان وتهويد المقدسات الإسلامية معناه الخضوع والاستسلام لواقع الاحتلال وإعلان فشل لكل من يقولون بالمقاومة والتحرير ،وكانت المواجهة الأخيرة الناتجة عن اغتيال بهاء أبو العطا كاشفة لكل فصائل المقاومة وخصوصاً حركة حماس .
بعد تراجع مشروع الإخوان المسلمين عالميا وخصوصا بعد إنهاء حكمهم في مصر الذي استمر حوالي العام فإن الشعب الفلسطيني يدفع الثمن وحركة حماس تتخبط بعد أن فشلت مراهنتها على الإخوان وعلى الإسلاموية السياسية بشكل عام .
فشلت حركة حماس في اختبار الجدارة الوطنية ولم يتوقف الأمر على فشل مشروعهم للمقاومة المسلحة أو الجهاد لتحرير فلسطين كما كانوا يقولون بل إنهم فشلوا حتى في المقاومة السلمية ،فمسيرات العودة ورفع الحصار على حدود غزة تآكلت تدريجياً وأخيرا تم المساومة عليها مقابل المال كما فشلت حركة حماس في تأمين المتطلبات الحياتية للمواطنين بحيث باتت تستجدي المال من أي كان وبأي ثمن حتى لا ينفرط عقد منتسبيها ومؤيديها والأدهى من ذلك أن إسرائيل وظفت حماس كأداة للانقسام وفصل غزة عن الضفة ،والمسؤولية الكبرى عن كل ذلك تتحملها جماعة الإخوان المسلمين ومن يواليهم ويتبعهم ،الذين نزعوا قطاع غزة عن سياقه الوطني وحملوه أكثر من قدرته على التحمل .
فهل ستقوم جماعة الإخوان بمراجعة لسياساتها تجاه فلسطين وتعترف بخطئها وتعتذر للشعب الفلسطيني وخصوصا لأهالي قطاع غزة ؟وهل ستقوم قيادة حماس الحالية بالبناء على المراجعة النسبية كما وردت على لسان خالد مشعل في سبتمبر 2016 وفي وثيقتها الجديدة التي طرحتها في فاتح مايو 2017 ؟أم أن المخطط متواصل وحسابات الإسلاموية السياسية أهم وأقوى من الحسابات الوطنية وما أفسده الإخوان المسلمين لن تصلحه انتخابات أو نوايا حسنة عند بعض قيادات حماس ؟إن لم تحدث هكذا مراجعة فلا قيمة لأي انتخابات عامة أو لحوارات مصالحة ؟ .
وأخيرا سنسمع من يتهمنا بالتحيز للطرف الثاني المنظمة والسلطة وحركة فتح وسنقول لهؤلاء إن أخطاء هؤلاء لا تبرر خطيئة حركة حماس وخصوصاً أن قطاعاً كبيراً من الشعب راهن على حركة حماس وخصوصاً في انتخابات يناير 2006 لتصحح مسار السلطة ،إلا أن حركة حماس وقعت وأوقعت الشعب في أوضاع أكثر سوءاً مما كان موجوداً قبل الانتخابات وقبل سيطرتها على القطاع  لأن في الوطن متسع للجميع ولأن الوطن يحتاج للجميع ،ما زلنا نأمل من حركة حماس تدارك الأمر قبل فوات الأوان .

0 Comments