ما يحدث في طرابلس ليس “اشتباكات محدودة”، بل انهيار شامل
تشهد العاصمة الليبية طرابلس واحدة من أسوأ موجات العنف والفوضى منذ سنوات، حيث تبدو الدولة الليبية عاجزة عن فرض سيادتها في وجه تغوّل الميليشيات المسلحة التي أصبحت هي من تُقرر من يعيش ومن يُقتل، ومن يُحكم ومن يُقصى. وفي قلب هذا الانهيار، يبدو عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية، خارج المشهد فعليًا، وقد فقد زمام الأمور لصالح تحالفات مسلحة تتركز قوتها في مدينة مصراتة.
الواقع على الأرض في طرابلس يؤكد أن الميليشيات القادمة من مصراتة هي اللاعب الأقوى في المعادلة الأمنية والسياسية. كتائب مثل “اللواء 444 قتال” و”جهاز الردع لمكافحة الجريمة والإرهاب” وغيرها من التشكيلات المدعومة من دوائر نافذة داخل المدينة الساحلية، تتحرك بحرية وتفرض سيطرتها على مواقع استراتيجية في العاصمة، متجاوزة أي أوامر رسمية تصدر عن حكومة الدبيبة.
منذ اندلاع الاشتباكات الأخيرة التي أودت بحياة أكثر من 240 مدنيًا في غضون 24 ساعة، لم يظهر الدبيبة إلا من خلال بيانات خجولة، يدعو فيها إلى “التهدئة”، في وقت كانت فيه أحياء كاملة من طرابلس تُقصف وتُقتحم وتُهجّر عائلاتها تحت تهديد السلاح ، وغياب رد فعل حاسم من الحكومة، وتجاهل مطالب المواطنين بحماية أرواحهم وممتلكاتهم، عمّق الشعور لدى الليبيين بأن الحكومة أصبحت رهينة لدى أمراء الحرب، وأن العاصمة لم تعد تحت سلطة الدولة، بل تحت حكم الميليشيات.
0 Comments