ما يعنيه العيش في ظل تضخم مرتفع طويل المدى

مؤشر التضخم

إذا كان عمرك أقل عن 45 عاماً وتعيش في أميركا أو أوروبا، فالاحتمال الأكبر أن العام الماضي كان أول تجربة حقيقية لك مع التضخم. وباستثناء فترة وجيزة عام 2008، فقد تجاوز التضخم بالكاد 3 في المائة على مدار الأعوام الـ30 الماضية.

اليوم، عاد التضخم، وارتفع متجاوزاً 8 في المائة الشهر الماضي، وربما يزداد الأمر سوءاً قبل أن يتحسن. الاحتمال أن بعض العوامل الدافعة وراء ارتفاع الأسعار اليوم واضطرابات سلسلة التوريد والحرب في أوكرانيا، ستنحسر نهاية الأمر. ومع ذلك، ثمة أسباب تدعونا للاعتقاد بأننا لن نعود إلى نسبة التضخم 2 في المائة بعد الآن. لقد أصبح الاقتصاد مختلفاً اليوم، وأعتقد أن خط الأساس الجديد للتضخم سيتراوح بين 4 في المائة و5 في المائة.

من ناحيتهم، اعتاد الأميركيون على التعايش بشكل جيد عندما شكل التضخم المرتفع القاعدة السائدة، لكن العالم أصبح مختلفاً الآن، ذلك أن مستوى التضخم البالغ 4 في المائة يفرض تكاليف ويحمل مزايا جديدة أمام جيل جديد.

والآن، ماذا يعني أن تعيش حياتك أو تدير عملك في وقت يتأرجح فيه التضخم بين 4 في المائة و5 في المائة بدلاً من نسبة 1.5 في المائة إلى 2.5 في المائة التي اعتبرناها أمراً مضموناً لفترة طويلة؟ لرسم هذه الصورة، نحتاج إلى افتراض درجة معقولة من الاستقرار. إذا كان التضخم أعلى، لكن ظل في نطاق ضيق، فلن يسبب كثيراً من الضرر. في الواقع، كان متوسط معدل التضخم 4 في المائة أو 5 في المائة لسنوات كثيرة واستمر الاقتصاد في النمو.

ومع ذلك، تغير الكثير منذ أواخر الثمانينات عندما كان التضخم يحوم حول مستوى 4 في المائة. ويعد هذا المعدل ضعف ما اعتاد عليه الناس في الوقت الحالي، وسيتعين على جميع قطاعات الاقتصاد التكيف. جدير بالذكر هنا أن الحصول على زيادة في الراتب كان أقل أهمية عندما كان التضخم 1 في المائة أو 2 في المائة.

واعتاد أرباب العمل إعطاء زيادات أقل. وفي المرة الأخيرة التي كان فيها التضخم مرتفعاً، تفاوضت النقابات على زيادة علاوة تكاليف المعيشة السنوية المضمنة في رواتب كثير من العمال. الآن، سيحتاج معظمهم إلى المطالبة به لأنفسهم. أما فيما يخص العمال الذين لا يتفاوضون ـ أو لا يستطيعون التفاوض ـ على الزيادات التي يمكن أن تواكب التضخم.

فإن تعويضهم الحقيقي سيتقلص كل عام لأن رواتبهم تساوي أقل. وحتى إذا حصلت على زيادة مناسبة، فإن هذه الزيادات تأتي بشكل عام مرة واحدة فقط في العام، في الوقت الذي يحدث فيه التضخم باستمرار، ما ينقص قوتك الشرائية.

ولن يكون الأمر سهلاً على الشركات أيضاً، ذلك أنها ستواجه تكاليف أعلى للعمالة والإيجار والسلع التي تستخدمها. وستحتاج الشركات إلى زيادة أسعارها على نحو متكرر، الأمر الذي قد يفقدها عملاءها. ويخلق هذا الوضع ظروفاً غير مواتية أمام الشركات الصغيرة، ذلك أنه يدفع الطلب الشركات الكبيرة ذات هوامش الربح الأكبر التي يمكنها تحمل بعض التضخم، وبالتالي تنقل قدراً أقل من الألم إلى المستهلك.

0 Comments