لماذا يلجأ الإنسان لمواقع التواصل الاجتماعي

مواقع التواصل الاجتماعي

إن الانتشار المذهل الى وسائل التواصل الاجتماعي ما هو إلا انعكاس لنزعات قوية هائلة راسخة في وجدان كل إنسان، مثل الحاجة للاجتماع؛ فالإنسان كائن اجتماعي باحث عن التواصل الاجتماعي بطبيعته، ومثل نزوع الإنسان نحو حب المعرفة والفضول، مما يجعله باحثًا نهمًا عن مصادر المعلومات والخبرات والتجارب والأخبار.

لكن هنا يثار سؤالان آخران، هل توجد وسائل أخرى لإشباع هذه النزعات؟ وهل هذه النزعات حسنة في المطلق حتى لو سيطرت تماما على الإنسان وحياته؟

بالتأكيد يمكن للإنسان أن يحاول إشباع هذه النزعات بعيدا عن وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، وقد قضت البشرية عمرها كله على الأرض تتواصل اجتماعيا وتجمع المعلومات بعيدا عن هذه الوسائل. فلماذا هذا الجنوح الشديد نحوها إذن؟

يرجع هذا إلى عدة أسباب، ربما أبرزها كون الإنسان لديه نزعة أيضا تجاه الراحة والسرعة، فهذه الوسائل مريحة وسريعة ولحظية، ويمكن الوصول لها في أي وقت، ولا تحتاج لبناء علاقات معقدة وصعبة، ولا إلى تواصل عميق، بينما الطرق الأخرى قد تحتاج مجهودا ووقتا أطول.

السبب الثاني هو تراجع الوسائل التقليدية للتواصل بشكل ما، بسبب انتشار النزعة نحو التمدن وسكن المدن، والهجرة والسفر والانتقال المستمر، مما أدى بالإنسان إلى العيش في ظروف اجتماعية جديدة يصبح فيها التواصل بالشكل التقليدي أصعب، فهو بعيد عن عائلته وأسرته، يبعد عنهم مكانيا، ويبعد عنهم بالانشغال أغلب الوقت سواء في تعليم أو عمل أو غيرهما. وهو يعيش في مدينة، حيث كل فرد مشغول في عالمه الخاص.

والوظائف الحديثة ونمط الحياة الحديث لا يتطلبان بالضرورة علاقات اجتماعية تقليدية راسخة، بل يستطيع الإنسان أن يحصل على كل احتياجاته دون أي تواصل اجتماعي مباشر في بعض الأماكن. كما أن الأفكار والقيم الجديدة تدعو للتفكك والتحرر من الروابط التقليدية كالأسرة والزواج. والنزعة المادية جعلت الزواج وإقامة البيوت أكثر صعوبة، وغيرها من آثار نمط الحياة الحديث.

أما السؤال الثاني الخاص بمدى حسن هذه النزعات فالإجابة عنه واضحة، إن هذه النزعات ضرورية وحتمية للإنسان وحياته ومصيره، فبدون النزعة للمعرفة تتوقف حياة الإنسان فردا ومجتمعا، وبدون النزعة للاجتماع قد يهلك الإنسان حرفيا، فهذه النزعات مهمة جدا للإنسان.

0 Comments