تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على التواصل الأسري

التواصل الاسري

التكنولوجيات الجديدة مثل وسائل التواصل الاجتماعي لها تأثير كبير على المجتمع ككل. تفاعل الأفراد في وسائل التواصل الاجتماعي داخل المجتمع، له تأثير كبير على التفاعل الاجتماعي بين الأفراد في الأسرة بطرق عديدة و مختلفة.

لا شك أن وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دورًا مهمًا في التأثير على ثقافتنا و اقتصادنا و على رؤيتنا العامة للعالم. وسائل التواصل الاجتماعي منتدى يجمع الناس لتبادل الأفكار و الآراء بإزالة حواجز الاتصال و إنشاء قناة اتصال غير مركزية و فتح الباب للجميع ليكون لهم صوت و يشاركون بطريقة ديمقراطية.

على الرغم من أن وسائل التواصل الاجتماعي جلبت العديد من الفوائد مما سمح لنا بالاتصال بسهولة مع الأصدقاء، الأقارب و العائلة في جميع أنحاء العالم إلا أنها أيضًا تؤثر سلبًا على العلاقة بين أفراد الأسرة، فقد تسبب الانطوائية، العزلة الاجتماعية، إدمان الانترنت، الفشل الدراسي و اكتساب عادات سيئة.

لا يعني تنامي دور وسائل التواصل الاجتماعي أنها المُلامة كلياً على ظهور المشكلات المجتمعية و الأسرية. فتلك المشكلات كانت ستحدث حتماً، إما بسبب ضعف العلاقات الأسرية، وإما بفعل المتغيرات الحضرية التي سوف تصيب أو أصابت الأسر و المجتمع. ولكن لا شك في أن لهذه الوسائل دوراً مهماً في تنامي تلك المشكلات بفعل تهيئتها الأرضية المناسبة وسُبُل التواصل.

لفترة طويلة ظلت الأسرة والمدرسة تلعبان دورًا أساسيًا في تكوين مدارك الإنسان وثقافته وتسهمان في تشكيل القيم والأخلاق التي يتمسك بها ويتخذها كمقومات للسلوك الاجتماعي بما فيها علاقات الآباء بالأبناء. أما اليوم فقد انتقل جزء كبير من هذا الدور إلى شبكات الإنترنت والهواتف المحمولة الأمر الذى حل محل الحوار والمحادثة بين أفراد الأسرة الواحدة ، وأدى إلى توسيع الفجوة والصراع بين الآباء والأبناء، و تقصيرهم في واجبهم تجاه أبنائهم وبناتهم في التربية والتوجيه، أيضًا انشغال الأبناء والبنات بوسائل التواصل و تقصيرهم مع والديهم في البر والطاعة.

من مظاهر تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الأسرة ظاهرة التباعد الأسري أو الجفاء ، حيث أصبح الحديث بين أفرادها مقتصراً على الأحاديث الضرورية والمختصرة، وغابت الجلسات العائلية الحميمة بين أفراد الأسرة الواحدة،  وأصبح لكل فرد فيها تفضيلاته الخاصة ، حيث قامت وسائل التواصل الاجتماعي بتعزيز العزلة والتنافر بين أفرادها وتلاشي قيم التواصل الأسري واستبدل الأبناء الانترنت بآبائهم، كمصدر للمعلومات وفقدوا الترابط الأسري وقاموا بتفضيل الحوار مع الغرباء، واستخدام بعض التطبيقات التي تتيح للشخص تقمص شخصية وهمية تتيح له التفاعل مع مجتمع وهمي وأصدقاء وهميين.

قضاء الأطفال و المراهقين أوقاتًآ طويلة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يؤثر على دور الأسرة في نقل ثقافة المجتمع إليهم، و إكسابهم المهارات المختلفة، و تنمية سلوك الأبناء، و غرس القيم والأخلاق لديهم، كما يؤثر على دور الأسرة في مراقبة و متابعة الأبناء، أيضًا متابعة الأطفال للمشاهد العنيفة على وسائل التواصل الاجتماعي تزرع الخوف في نفوسهم، فهي تزيد من المشاكل السلوكيّة كالعدوانية و هذا يؤثر سلبًا على تواصله مع أفراد أسرته.

“في دراسة أجراها الباحث هشام البرجي حول تأثير شبكات التواصل الاجتماعية على الأسرة أظهرت النتائج أنّ من تأثيراتها السلبية أنها تقلل من الحوار البيني التفاعلي بين أفراد الأسرة بنسبة 65.5% وأن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي من قبل الأبناء تؤدي إلى تغيير سلبي في سلوكهم بسبب عزلتهم بنسبة 60%.

لمواجهة هذا التحدي يجب على الأبوين تحمل المسؤولية و مواكبة هذا التغييرات بتوجيه و مراقبة الأبناء و غرس القيم التي تعزز المراقبة الذاتية لهم من خلال الحوار و المناقشة و تحديد ساعات استخدم وسائل التواصل الاجتماعي، إضافة إلى استخدام أسلوب المنع من متابعة حسابات لا تتناسب مع القيم ، الأخلاق.

0 Comments