102 عاما على وعد سرقة الوطن "بلفور المشؤوم"


اليوم السبت،يصادف 2 نوفمبر 2019 الذكرى 102 على صدور وعد بلفور الذي غير مجرى تاريخ "الشرق الأوسط"
في 2 نوفمبر 1917 حيث بعث 
جيمس آرثر بلفور وزير خارجية بريطانيا في تلك الفترة برسالة إلى اللورد ليونيل والتر روتشيلد أحد زعماء الحركة الصهيونية آنذاك لتعرف فيما بعد باسم "وعد بلفور"
وقد جاء في نص الرسالة أن حكومة صاحبة الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين وستبذل جهدها 
عظيم لتسهيل تحقيق هذه الغاية
وتابعت: على أن يفهم جليا أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن يُنتقص من الحقوق 
الدينية و المدنية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى
اما بعد مرور عام على هذا الوعد، أعلنت كل من 
فرنسا و إيطاليا موافقتها عليه، لتتبعها موافقة أمريكية رسمية عام 1919، ثم لحقت اليابان بالركب في نفس العام
واختلفت ردود الفعل 
على المستوى العربي تجاه هذا الوعد بين الدهشة والاستنكار والغضب

من ما جعل الفلسطينيون يطلقون على وعد بلفور وصف وعد من لا يملك (في إشارة لبريطانيا) لمن لا يستحق (اليهود) 
وقالوا في لقاءات منفصلة إن تداعيات هذا الوعد كارثية على الشعب الفلسطيني كما صرح مراقبون سياسيون حيث اعتبروا ذلك اليوم يوما أسودا في تاريخ الشعب الفلسطيني والبشرية بأكملها، وضربة للعدالة الدولية
وقد تابعوا: الوعد كان بداية اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم وتحويلهم إلى ضحايا اللجوء 
القتل والتشرد
وفي قراءة سابقة لوعد بلفور قال محسن صالح مدير عام مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات إن بريطانيا أثناء احتلالها لفلسطين (1920-1948)
قامت بتطبيق الشق الأول من وعد بلفور بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين 
لكنها لم تلتزم بشقه الثاني الذي يتضمن عدم الإضرار بحقوق الفلسطينيين الذين كانوا يشكلون في ذلك الوقت نحو 92% من السكان وفق التقديرات البريطانية نفسها، وفق صالح 
وعام 2017 عبرت بريطانيا عن فخرها بالدور الذي مارسته في إيجاد دولة "إسرائيل" رافضة تقديم أي اعتذار عنه 
وسبق أن شاركت بريطانيا "إسرائيل" في احتفالات ذكرى تأسيسها على أنقاض معاناة ودماء الفلسطينيين" 
بينما في يوليو 2019 أعلن مجلس بلدية مدينة شيفيلد شمالي بريطانيا، الاعتراف بدولة فلسطين، ورفع العلم الفلسطيني عاليا على سارية أمام مقر البلدية.


الدوافع البريطانية
أرادت الحكومة البريطانية من إصدار “وعد بلفور” تلبية عدة أهداف، تحقق مطامعها الاستعمارية في منطقة "الشرق الأوسط" على حد قول المراقبين السياسيين 
الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني مصطفى إبراهيم اعتبر أن بريطانيا أرادت من خلال إعطاء اليهود وطن قومي لهم، إضعاف الشعب العربي، وتقسيم الشرق الأوسط 
وتابع: بريطانيا إحدى دول الاستعمار القديم التي سيطرت على العديد من دول العالم لذلك دافعها الأول هو الحفاظ على مصالحها وحمايتها 
ثم اوضح أن بريطانيا جعلت من "إسرائيل" شرطي في منطقة الشرق الأوسط للدول الغربية والأوروبية 
 قال حسام الدجني الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني إن بريطانيا تتحمل المسؤولية الأخلاقية والقانونية حول وعد بلفور والضرر الكارثي الذي ألحقه بالفلسطينيين.
ثم تابع: إسرائيل وجدت كدولة تخريبية للفصل بين آسيا وإفريقيا مشيرا إلى أن بريطانيا اعتبرت "إسرائيل" لواء متقدما للمصالح الغربية 
وقد قال إن هذا الكيان جاء خنجرا في خاصرة أي مشروع نهضوي عربي  لافتا إلى أن بريطانيا الاستعمارية أرادت خليفة لها في المنطقة واضاف قائلا: الشرق الاوسط في قلب العالم من يسيطر عليه يسيطر على العالم 

الجانب القانوني
الباحث الفلسطيني القانوني في المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، محمد صيام، قال إن وعد بلفور، وكل ما ترتب عليه من تداعيات كارثية، يناقض الأعراف والقوانين الدولية.

وتابع: “هذا الوعد يناقض حق تقرير المصير المقر من قبل الأمم المتحدة، كون بريطانيا سلّمت -لاحقا- إدارة شؤون الأراضي الفلسطينية "للإسرائيليين" (باعتبار أن فلسطين خضعت للانتداب البريطاني منذ 1920، وحتى عام النكبة الفلسطينية 1948)”.

وأوضح أن استلام "إسرائيل" لهذه الإدارة أدى إلى تقسيم الأراضي الفلسطينية؛ الأمر الذي يعدّ قانونيا اعتداءً على تلك الأراضي.


ومن أخطر تداعيات ذلك الوعد، يتمثل بارتكاب "إسرائيل" لـ”مئات المجازر، في لحظتها إلى تاريخ هذا اليوم؛ ما نتج عنه أعداد كبيرة من القتلى والجرحى وتهجير لملايين الفلسطينيين".

واستكمل قائلا: كل الجرائم "الإسرائيلية" والانتهاكات والتغيير الديموغرافي، وكل ما تعرض له الفلسطينيون، هي من مخرجات وعد بلفور".
وبين أن المسيرات التي تنطلق على حدود قطاع غزة الشرقية، بشكل أسبوعي، منذ مارس/آذار 2018، تحت اسم “مسيرات العودة وكسر الحصار تطالب بعودة الفلسطينيين الذين هُجروا من أراضيهم عام 1948.
وبيّن أن هذا الحراك الشعبي يقابل بالكثير من القمع من الجانب "الإسرائيلي" ما أدى إلى مقتل مئات الفلسطينيين وجرح الآلاف منهم 

سرقة الأرض
بعد أعوام قليلة من وعد بلفور في عام 1920، احتل الجيش البريطاني فلسطين بشكل كامل، وتم انتداب بريطانيا عليها من قبل عصبة الأمم (الأمم المتحدة حاليا)؛ حيث تم إدارة الانتداب بفلسطين من خلال المندوب السامي البريطاني الذي مارس بالكامل جميع السلطات الإدارية والتشريعية فيها.
اما في عام 1948، خرجت بريطانيا من فلسطين، ووفق التاريخ الفلسطيني، فإن بريطانيا سلّمت الأراضي الفلسطينية لـ”منظمات صهيونية مسلّحة 
ذلك المنظّمات الصهيونية ارتكبت مجازر بحق الفلسطينيين وهجّرتهم من أراضيهم لتأسيس دولتهم عليها، فيما عُرفت هذه الحادثة فلسطينيا بـ النكبة 
ثلاثة أرباع فلسطين وقعت آنذاك تحت السيطرة "الإسرائيلية" في حين حكمت الأردن الضفة الغربية وخضع قطاع غزة للإدارة المصرية 
وبعد 19 عاما، وبالتحديد سنة 1967، احتلت "إسرائيل" الضفة الغربية (بما فيها القدس الشرقية) وقطاع غزة مع شبه جزيرة سيناء، ومرتفعات الجولان السورية.
وبعد توقيع اتفاقية "أوسلو" بين "إسرائيل" ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993، خضعت الضفة الغربية (بدون القدس) وقطاع غزة، للحكم الذاتي الفلسطيني.

0 Comments