19 عاما على اندلاع انتفاضة الأقصى والاقتحامات مستمرة


بعد أسبوعين من المفاوضات التي عقدت في منتجع "كامب ديفيد" بدعوة من الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، ومشاركة الرئيس الفلسطيني الشهيد الراحل ياسر عرفات، ورئيس وزراء الاحتلال الأسبق ايهود باراك، وفي تموز من العام 2000 وبعد عدم التوصل إلى حل سلمي في الصراع مع دولة الاحتلال الاسرائيلي، اندلعت "انتفاضة الأقصى".
عندما أتهم الشهيد عرفات بعدم تقديم تنازلات من شأنها التوقيع على الاتفاقية التي كانت ترسم شكل الدولة الفلسطينية المستقبلية، وشهد عصر الخميس 28 أيلول 2000 مواجهات بين مصلين وشبان غاضبين وشرطة الاحتلال  وقواته الخاصة وحرس حدوده ، التي اقتحمت باحات الأقصى لتأمين تدنيسه من قبل أرئيل شارون زعيم حزب الليكود المتطرف، وعدد من أعضاء حزبه اليمينيين، فكانت تلك الساعات هي الشرارة الأولى لانطلاق الانتفاضة الثانية والتي عُرفت فيما بعد باسم "انتفاضة الأقصى

حيث أصيب في أحداث اليوم الأول 25 عنصرا من قوات الاحتلال وشرطته، بعد ملحقتهم بالحجارة والأحذية وعلب النفايات  من قبل الشبان الذين أصيب منهم نحو 20 شابا بجروح مختلفة 
وقد شهد اليوم الثاني، الجمعة 29 أيلول، مواجهات أكثر عنفا، بعد انتهاء صلاة الجمعة، وأسفرت عن استشهاد ستة شبان و300 جريح، والشهداء هم: بلال عفانة من أبو ديس، وحمد فراح من أم الفحم،أسامة جدة من القدس، و  ويحيى فرج من بيت صفافا، وهيثم عويضة من القدس، أما الشهيد السادس فظل مجهول الهوية حتى اليوم التالي
اما يوم السبت، 30 أيلول، وهو اليوم الثالث للأحداث، حيث عم اضراب شامل وحداد عام، ثم اتسعت رقعة المواجهات لتشمل كافة المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، مما أسفر عن استشهاد 13 مواطنا واصابة 623، وكان من بين الشهداء الطفل محمد جمال الدرة بعد أن حاصرته النيران الإسرائيليةوأمام كاميرات التلفاز وهوا بين يدي أبيه حيث هزت صورته ضمائر البشر في كل أرجاء المعمورة وصار بذلك رمزا للانتفاضة الفلسطينية في كل مكان 

اما في اليوم التالي، الأحد، الأول من تشرين الأول، استشهد عشرة مواطنين واصيب 227 آخرين، حيث استخدم الاحتلال في تلك المواجهات المروحيات والصواريخ وخرجت أولى المظاهرات المساندة للشعب الفلسطيني في تصديه لقوات الاحتلال، ورفضه المساس بمقدساته الاسلامية  مظاهرة حاشدة في مخيم اليرموك القريب من دمشق فكانت مظاهرة مخيم عين الحلوة  لتمتد لاحقا إلى معظم العواصم والمدن العربية والاسلامية والغربية، حيث شهد بعضها مسيرات مليونية، وبدأت حملات تبرعات بالدم  ضخمة عبر شاشات التلفزة العربية، حيث تم تخصيص أيام مفتوحة للتبرع لصالح الانتفاضة، ثم خرج عشرات الجرحى للعلاج في المستشفيات العربية 
اما في نفس اليوم الأول من أكتوبر حيث امتدت المواجهات إلى داخل الخط الأخضر إذ نفذ الفلسطينيون هناك إضرابا شاملا وقاموا بالاحتجاج والاشتباك مع وحدات الشرطة الإسرائيلية  أصيب سبعة متظاهرين بالرصاص الحي، وثلاثة وخمسين بالطلقات المطاطية. وبعدها بعدة أيام أستشهد نحو 13 مواطنا من اراضي 48 خلال مواجهات مع الشرطة الاسرائيلية في عدد من البلدات والمدن العربية، في أوسع مشاركة لفلسطينيي الداخل في التصدي للاحتلالالتي اعتقلت 18 من المشاركين وقتلت عمر أحمد جبارين (21 عاما) قرب أم الفحم، ليكون شهيد الانتفاضة الأول بأراضي الـ 48  
بينما في اليوم الخامس للانتفاضة، الاثنين الثاني من تشرين الاول، استشهد ثمانية مواطنين في مواجهات باراضي 48، وفي يوم الثلاثاء، سادس ايام الانتفاضة، استشهد 9 مواطنين في الضفة وكفر مندا  وغزة .
في بدايات أكتوبر 2000، بدأت الصحف تنشر اعلانات تأجيل حفلات زفاف، حيث تأجل الكثير منها، أو تم في صمت، مراعاة للظروف التي يمر بها شعبنا احتراما لدماء الشهداء والجرحى  
في الثاني عشر من أكتوبر  قتل جنديان اسرائيليان بعد أن دخلا بطريق الخطأ إلى مدينة رام الله، بأيدي الشبان الغاضبين، وردت إسرائيل بشن هجمات صاروخية بالطائرات العمودية على بعض مقار السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وفي 15/10، وبحلول اليوم الثامن عشر للانتفاضة استشهد الشاب رائد حمودة متأثرا بجروحه، مسجلا الرقم 100 في سجل شهداء الانتفاضة.
وفي السابع عشر من أكتوبر اتفق ياسر عرفات وباراك على وقف إطلاق النار وسحب القوات الإسرائيلية، وذلك خلال قمة عقدت في منتجع شرم الشيخ و بإشراف كلينتون. ولكن استشهاد تسعة مواطنين وجرح أكثر من مائة آخرين في مواجهات عنيفة في الحادي والعشرين من أكتوبر تشرين أول جدّد المواجهات التي ازدادت وتيرتها كما ونوعا بانفجار سيارة مفخخة في أحد أسواق مدينة القدس في 2/11 مما أدى إلى مقتل عدة إسرائيليين 

قوات الاحتلال من ناحيته تم التصعد في نوعية المواجهة، فقتلت طائراته الناشط البارز في حركة فتح حسين عبيات، وذلك بتاريخ التاسع من تشرين الثاني، بعد قصف سيارته بالصواريخ في مدينة بيت لحم، لتكون بمثابة الفاتحة في سلسلة الاغتيالات الاسرائيلية للنشطاء الميدانيين وقادة الفصائل والعمل الوطني، حيث كان  ثابت ثابت أمين سر حركة "فتح" في مدينة طولكرم، الهدف الثاني للاغتيال  
وازدادت وتيرة الاغتيالات الاسرائيلية، حيث شملت معظم الفصائل الفلسطينية وقادتها، ومن أبرزهم اغتيال ياسر عرفات بالسم بعد محاصرة مقره في رام الله، واغتيال الزعيم الروحي لحركة حماس الشيخ أحمد ياسين، وخلفه عبد العزيز الرنتيسي، اضافة الى اغتيال الأمين العام للجبهة الشعبية أبو علي مصطفى، ومئات النشطاء البارزين  
ويذكر أنه في 18 أيار 2001، دخلت طائرات ألـ اف 16 المقاتلة الانتفاضة، وقصفت مقرات للشرطة الفلسطينية في كل من قطاع غزة و الضفة الغربية من ما أسفر عن استشهاد عشرة مواطنين، وجاء ذلك بعد أن نفذت عملية تفجير في مركز تجاري سياحي بمدينة نتانيا الساحلية وأسفرت عن مقتل خمسة اسرائيليين واصابة آخرين 

و من أبرز أحداث الانتفاضة اجتياح العام 2002، والتي أطلق عليها جيش الاحتلال عملية "السور الواقي"، و بدأت الدبابات الاسرائيلية بدخول مدينة رام الله في 29-3-2002، ومحاصرة مقر الرئيس ياسر عرفات، وكنيسة المهد وابعاد المقاتلين الذين تحصنوا فيها الى غزة والأردن ودول اوروبية، وأعادت فيها اسرائيل احتلال جميع مدن الضفة الغربية.
اما في ساعات فجر يوم الأحد 31/3/2002 وارتكب الاحتلال خلال الاجتياحات العديد من المجازر بحق المدنيين أبرزها مجزرة مخيم جنين، الذي صمد لأكثر من أسبوعين في وجه آلة القتل والخراب الاسرائيلية، ودمر الاحتلال البنى التحتية وقطع أوصال المدن والمناطق الجغرافية بالحواجز والسواتر الترابية التي زاد عددها عن 600 حاجز، ووصلت أعداد الشهداء إلى المئات والجرحى الى الالاف، ودمرت مئات المنازل والمنشآت والمركبات. و جرى اجتياح مدينة قلقيلية، وفي اليوم التالي اجتياح مدينة طولكرم، و2-4-2002 اجتاحت قوات الاحتلال بيت لحم، وفي 3-4-2002 اجتاحت سلفيت وجنين ونابلس 
حيث شرع الاحتلال خلال هذه الانتفاضة، ببناء الجدار العنصري الفاصل  في اراضي الضفة الغربية، وفصل 36 تجمعا سكانيا "72000" مواطن عن أراضيهم الزراعية. وقسم الضفة الغربية الى كنتونات منفصلة، وعزل 11 تجمعا سكانيا فلسطينيا "26 ألف نسمة" خلف الجدار، اضافة الى حرمان الفلسطينيين من 50 بئرا ارتوازيا توفر 7 ملايين متر مكعب من المياه تقع ضمن الأراضي التي سلبها الجدار الذي بلغ طولة  728 كم، ما ادى الى التهام 23% من أراضيها، خاصة في مناطق جنين وقلقيلية  والقدس وسلفيت 






0 Comments