لوحة فلسطين تبهر العالم

في غرفة لا تتعدى السبعة أمتار، تحتضن جدرانها أعمال فنية تبرز تاريخ الحضارات القديمة التي مرت على أرض فلسطين المباركة عبر العصور ومنذ آلاف السنين.. قطع فنية أبدع بها الرسام أشرف أبو داير ليُعبر عن مدى حبه للرسم ولأرض فلسطين.
ومن رحم المعاناة التي مر بها الشعب الفلسطيني طوال 70 عاماً، من اضطهاد وتنكيل من قبل الاحتلال "الإسرائيلي"، استشرقت فكرة الأرض المباركة على ذهن الرسام ليخاطب بها العالم أجمع عن سلام وقدسية فلسطين وحبها للحياة، مسترشداً ذلك بآيات القرآن الكريم وسنة نبيينا محمد صلى الله عليه وسلم.
وعلى قطعة قماش بطول مترين وعرض متر، رسم الفنان أبو داير بدفء حميمة يديه خريطة فلسطين التاريخية وجسدها بألوان سرية من صنيعته، وأضفى عليها ملامح السلام والمحبة ورموز أثرية تجدب الناظرين إليها في التمعن بها.

تجسيد تاريخ فلسطين 

بداخل الصورة رموز دلالية تثبت احقية فلسطين لأهلها، وقدسيتها من الله عز وجل للأمة الإسلامية والعربية، عبر توزيع تلك الدلالات على القطة الفنية ويقول الفنان، "إنه جسد آلة الكنعانيين "فسيل"، وغصن الزيتون وشجرة النخيل صاحبة الساق الطويل، بالإضافة لآثار عن الحضارات القديمة التي عاشت على الأرض المقدسة"، وجميعها دلالات عن السلام والمحبة وحب الحياة وعشق فلسطين له.
ويضيف أبو داير من سكان مخيم جباليا شمال قطاع غزة الذي اكتشف موهبته قبل عشرين عاماً لـ"وكالة فلسطين اليوم الإخبارية"، أن ما يميز تلك الصورة هو الهدهد بنظرته الثاقبة يقاطعها خط مستقيم لنظرة طفل متشوق على عيون القدس الشريف عاصمة فلسطين، وغصون الأشجار الدالة على ثبات الشعب وأحقيته بهذه الأرض المحتلة.
القطعة الفنية الجميلة والهادفة في مخاطبتها للعالم والأسرة الدولية، استغرق بها الرسام في إبداعها مدة 3 أشهر، وبأدوات بسيطة من (نكشات اسنان، ونكشات أذنين، وقطعة قماش وألواح خشبية)، وتلك الإمكانات البسيطة تعبر عن وجدانية الشعب الفلسطيني، وبتاريخه الحافل في نشر السلام والتآخي، وليس كما يدعيه أعداء هذا الشعب.
وأمام تلك الرَسمات الرائعة والبالغ عددها 18 صورة، في كل عام ينتج الفنان أبو داير صورة واحدة، لما تحتاجه الرسومات من وقت وجهد كبير في رسمها وإبداعها وإخراجها بنمط جذاب ورتابة العرض للمشاهدين، فيما يغلب عليها طابع التراث الفلسطيني المجيد وتاريخ الحضارات القديمة.

وأثناء مشاهدة لوحات الفنان في بيته، وقعت عُيننا على لوحة أخرى فردية من نوعها، أطلق عليها أبو داير عنوان "الإنسان أقدس من الحجارة"، لما فيها من عبر ودلائل على قدسية وقداسة الإنسان عبر مر الإزمان وبصلاحه ينتشر السلام والمحبة والتآخي، وأيضاً لرموز عن التاريخ الحضاري لفلسطين وللأمة الإسلامية.
وأشار إلى ان الرموز الدلالية الموجودة في جميع اللوحات ذات الأصول التاريخية والقصص الإسلامية في نابعة من حب الأرض والدفاع عن فلسطين ومقدساتها المغتصبة، وتأكيد على احقية الشعب الفلسطيني بارضه، ونحن أولى بها كمسلمين.

يخاطب السلام والإنسانية 

وأخرج الرسام لوحته الفنية الثانية بمقياس مترين/بمتر ونصف، راقية المشهد في إبداعاته، ليجسد التاريخ القديم الغزير بالأفكار والمشاهد التاريخية الدال على جدارة الانسان بأرضه، ومنها اشخاص يرتدون القبعات المشهورة بزمن الفراعنة المصرية وعدد من الملوك الذين حكموا فلسطين، وما يدل على قداسة هذه الأرض خَطَ سيرة أصحاب الكهف المشهورة في القرآن الكريم على اللوحة.
وما يقدس اللوحة أن في أعلاها زخرفة للقدس الشريف وفي أسفلها شجرة متفرعة على كافة نقاط اللوحة، ويصف الفنان :"بان شجرة الأنبياء هي المحورية في اللوحة باعتبارها دلالة واضحة على ان فلسطين هي رباط الأنبياء والصالحين، ووجوب الدفاع عن مقدساتها بخطاب السلام والإنسانية وان تاريخها عريق ولا يمكن لأحد أن يغير تلك الوقائع.
وابدع الفنان أبو داير في الكثير من اللوحات الفنية المتنوعة والجذابة أيضاً، منها اللوحات على القماش والقوالب الجاهزة والرسم بالريشة، فيما تشكل أرض فلسطين والقدس الشريفة حيزاً كبيراً من تلك الرسومات.
وشارك الفنان بلوحاته في عدة معارض محلية لإبراز موهبته الفنية في قطاع غزة قبل عدة سنوات، مشيراً إلى أن الصور لاقت ترحيباً وإقبالاً واسعاً من قبل الزائرين للمعارضين وإعجاب كبيراً.
ويطمح أبو داير في المستقبل بالمشاركة في معرض خاص به تحت عنوان "تاريخ الحضارات القديمة"، يعرض فيه أعماله الفنية في أحد الدول الأجنبية، والعمل على تطوير الذات في ابتكار لوحات فنية جديدة لإدخالها في أعماله الفنية.
وعن أبرز المعوقات التي يواجهها الرسام أبو داير أثناء عمله الفني، عدم اهتمام الجمعيات والمؤسسات المعنية في تنمية إبراز المواهب لدى الفنيين في تطوير موهبته، وكذلك الوضع الاقتصادي الهش الذي لا يمسح تغطية كافة مستلزمات والأدوات الرسم، ومساحة البيت غير كافة في تخصيص مكان لرسم اللوحات.
وطالب الفنان أبو داير جميع المعنيين في الفن بالاهتمام بموهبته الفنية والعمل على تطويرها وتقديم كافة اشكال الدعم، وعرض منتوجاته الفنية في المعارض الدولية لتحفيز قدراته وانجازاته في إبداع الموهبة.
كلنا نعشق تراب فلسطين و نتمنى ان نفديها بأرواحنا دائما .. فاللهم انصرها و احفظها.

0 Comments