ما هو مفهوم الامن الاقتصادي و ما هي تداعياته

الاقتصاد

على المستوى الفردي، يمكن توسيع مفهوم الأمن الاقتصادي للمواطن ليشمل تدابير الحماية والضمان التي تؤهل الإنسان للحصول على احتياجاته الأساسية من المأكل والمسكن والملبس والعلاج والتعليم، وضمان الحدّ الأدنى لمستوى المعيشة. وقد حاولت الأمم المتحدة أن تجد معنى جامعًا يفسر هذا المفهوم فتوصلت إلى الآتي: «الأمن الاقتصادي هو أن يملك المرء الوسائل المادية التي تمكِّنه من أن يحيا حياة مستقرة ومشبعة. وبالنسبة لكثيرين يتمثل الأمن الاقتصادي، ببساطة، في امتلاك ما يكفي من النقود لإشباع حاجاتهم الأساسية، كالغذاء، والمأوى اللائق، والرعاية الصحية الأساسية، والتعليم».


إن تحقيق الأمن الاقتصادي يتطلب تأمين دخل ثابت للفرد عبر عمله المنتج والمدفوع الأجر، أو عبر شبكة مالية عامة وآمنة. وبهذا المعنى فإن ربع سكان العالم فقط هم ضمن هذه الفئة، وإذ تبدو مشاكل الأمن الاقتصادي أكثر جدية وخطرًا في الدول النامية، فإن الدول المتطورة كذلك، تشكو من مشاكل البطالة التي تشكّل عاملًا مهمًا في تسعير التوتر السياسي والعنف الإثني.


لا يزال علم الأمن الاقتصادي علمًا ناشئًا، يفتقر إلى الكثير من الأطر النظرية والتطبيقية، ولكن لوحظ في الفترة الأخيرة ظهور العديد من الأعمال (على الصعيدين الحكومي والأكاديمي) التي تُبرز أهمية البعد الأمني للتفكير الاقتصادي. فقد لوحظ مثلا ظهور اختصاصات ومراكز بحوث تعنى بالذكاء الاقتصادي Economic Intelligence، وكذلك ظهر ما يعرف بالتجسس الصناعي أو التجاري Industrial Spying - Business Espionageوقد ازدادت الحاجة إلى هذه الاختصاصات بسبب ظاهرتين رئيسيّتين ميّزتا العقدين الأخيرين، وهما العولمة والطفرة المعلوماتية.


ولكن علم الأمن الاقتصادي لا يقتصر على هذا المفهوم الضيّق، فبإمكان هذا العلم معالجة مجال واسع جدًا من القضايا، مثل: مراقبة التدفقات المالية، مراقبة الاستثمارات الأجنبية، وضع وسائل وآليات لضمان حماية الصناعات الوطنية، خصوصًا في حال كونها حيوية و/أو ناشئة، تحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي في مجالات عدة، كذلك محاربة التجسس الصناعي والتجاري ومحاربة الجرائم الالكترونية، إلخ...


يعتبر الأمن الغذائي من أهم عناصر الأمن الاقتصادي، ويمكن تعريفه بأنه «قدرة المجتمع على توفير المستوى اللازم من الغذاء لأفراده في حدود مداخيلهم المتاحة، مع ضمان مستوى الكفاف من الغذاء للأفراد الذين لا يستطيعون الحصول عليه بدخلهم المتاح، سواء أكان هذا عن طريق الإنتاج المحلي، أو الاستيراد اعتمادًا على الموارد الذاتية».


ولكونه من أهم عناصر المحافظة على الحياة، ينظر إلى الغذاء بأنه يشكل بعدًا اجتماعيًّا وسياسيًّا باعتباره أحد حقوق الإنسان. ويعكس تحقيق الأمن الغذائي، قدرة المجتمع في كفالة حق الغذاء لكل مواطن، وبخاصة حدّ الكفاف لكل فرد من أفراده، لتستمر حياته بصورة صحيحة ونشطة. أمّا عدم توافر مستوى الكفاف من الغذاء في المجتمع، وعدم تحقيق عدالة توزيعه بين أفراده، فلا بد أن يسهما في عدم تحقيق الاستقرار الاجتماعي داخل الدولة.

0 Comments